قواعد السعادة الزوجية الثلاث

كتب الأستاذ الشيخ عبد الحميد شاهين

إن الله جل جلاله بنى الزواج على ثلاث قواعد كلها تستجلب السعادة والهناء، وتؤسس بيتاً هادئاً، يحيا فيه الزوجان وذريتهما حياةً خاليةً من كل ما يعكر صفوها:

القاعدة الأولى: السكن، وتدل مادة "س ك ن" في قاموس لسان العرب لابن منظور على الهدوء الذي هو السكون، حيث يقول: وَكُلُّ مَا هَدَأَ فَقَدْ سَكَنَ ڪَالرِّيحِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَسَكَنَ الرَّجُلُ: سَكَتَ، وَقِيلَ:سَكَنَ فِي مَعْنَى سَكَتَ، وَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَسَكَنَ الْمَطَرُ وَسَكَنَ الْغَضَبُ.انتهى. قلت: ومنه السكينة، والسكن المأوى, ويفهم منه الهدوء في معاملة الزوجين، وعدم الصراخ في الأخذ والرد، بل إحسان القول في كل حين وفي كل حال، ولجم النفس عن الغضب وكبح جماح الشيطان عن أن يغري بالانتقام، فإن الرجل يستطيع تحصيل ما يريد من المرأة أمراً أم نهياً بالكلام الطيب، فلمَ يختار الصراخ والسب وقبيح القول؟! ويقال ذلك في المرأة أيضاً، لكنه في الرجل آكد.

القاعدة الثانية: المودة، والقاعدة هذه تبنى على سابقتها، فالهدوء والكلمةالطيبة يبنيان المودة. التي حي الحب، وكلما زادت السكينة في البيت زاد الحب وعم الوئام.

القاعدة الثالثة: الرحمة، وهذه مبنية على. سابقتها كذلك، فإن حب الانسان لانسان يحمله على رحمته وعلى عدم تحميله ما لا يطيق، وعلى عدم تكليفه بما لا يستطاع، كمنع المرأة الرجل من بر والديه تحت التهديد بإشعال الخصومات، أو كمنع الرجل المرأة من مواصلة والديها وأرحامها بحجج لا تنهض بمثل هذا الطلب المحرم.

إن كل ما سبق تحمله الآية التالية من سورة الروم:

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١)

ومن اللافت قوله جل وعلا: خلق لكم من أنفسكم. حيث يحمل هذا لكلا الزوجين إشارة مفادها: أن زوجك كنفسك، فعامله بما تحب أن يعاملك به.

ولكم مني الدعاء أن يملأ الله حياتكم الزوجية سعادة وهناءً وأن يصرف عنكم شر كل صاحب شر.