الإثنين 13 ربيع الأول 1446هـ / 16 سبتمبر 2024م
     Sveriges
religiösa råd
المجلس السويدي
للشؤون الدينية     
الخميس 02 يونيو 2022

تلك الوصية النبوية الخطيرة!

المقدمة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ في أول وأخطر وصية له وهو يرسله إلى اليمن مبلغاً عنه: (إنك تأتي قوماً أهل كتاب) يعني فاعلم ذلك، واعلم أن ما كان يجدي في دعوة مشركي مكة قد لا يجدي مع أصحاب كتاب من عند الله يرون أنه حق، لأن مفاهيم أهل الكتاب وتساؤلاتهم مختلفة عما عند المشركين.

‎لقد كان درساً نبوياً لكل داعٍ إلى الله يُكتب بماء العين ودم القلب. كان درساً في جملة، ويا لها من جملة! فإن دلالاتها تفوق الخيال: إنك تأتي يوماً أهل كتاب. أي فاعرفهم واعرف ديانتهم وعقائدهم، واعرف نظرتهم ووجهتهم، بل اعرف كل شيء عنهم، والتمس ذلك وتعلمه قبل أن تدعوهم، لأن الأمر خطير، فقد تذهب لتصلح فتُفسد، ربما بكلمة يساء فهمها، والخطأ في الدعوة ليس كخطأ في غيرها، لأن الخطأ فيها أشبه ما يكون بالخطأ عند التعامل مع المواد المتفجرة، حيث يكون الخطأ الأول فيها هو الخطأ الأخير!


 ‎بهذه الخطورة يجب أن ينظر الداعية في السويد وغيرها إلى نظرة الناس إليه ورأيهم فيه، وأن لا يكون "درويشاً" فيقول: ما دام أن نيتي لله فكلام الناس ورأيهم فيَّ لا يُهمني! كلا يا مولانا.. فلستَ بخير من رحمة الله للعالمين صلى الله عليه وسلم، وقد جعل لذلك أهمية تعجب منها بعض أصحابه: فعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفًا . فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً . فَحَدَّثْتُهُ , ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ , فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي - وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - فَمَرَّ رَجُلانِ مِنْ الأَنْصَارِ ، فَلَمَّا رَأَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : عَلَى رِسْلِكُمَا . إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ . فَقَالا : سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ : إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ . وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا - أَوْ قَالَ شَيْئًا.


 ‎فهذا أزكى البشر وخيرهم يحسب حساباً للناس، لأنه صلى الله عليه وسلم مُعلم هذه الأمة، وتعليمه لعامتها، ولدعاة الخير فيها وخاصتها من باب أولى. فإن كل عامل في هذه السبيل عُرضة لأن يقال فيه ويُنال منه ويُتهم في نيته وذمته وعرضه ولا بد، لكنه ليس من الحكمة أن يقول الداعي أو أن يفعل ما يدعو إلى الريبة فيه، أو ربما كرس ظنون من حوله فيه حتى تصير كأنها حقائق وليست كذلك.


 ‎المشكلة في إن كثيراً من أهل المنابر في السويد وما حولها لا يلقي أحدهم بالاً لما هو مقرر من قول وفعل النبي المعصوم عليه الصلاة والسلام في هذه المسألة الخطيرة، التي بلغت من ذلك أن يضعها رسول الله في مقدمة نصائحه لمعاذ رسوله لأهل اليمن! فتسمع من بعض المشايخ أقوالاً وتصريحات لا ضابط لها ولا رابط، تنم عن جهل أصحابها أن هناك آلاف من الناس يتابعونها وقد يتدينون بها! ذلك أن كلام "الشيخ" عند العامة دينٌ -كما لا يخفى على أحد- يقال بعده: الشيخ قال!! لكن كثيراً من أصحابنا -غفر الله لنا ولهم- لا يهتمون لذلك ولا يرفعون به رأساً. وأظن أن ذلك له علاقة بفهم خاطيء من بعض المشايخ لموضوع التواضع ونكران الذات والإخلاص! فإن التواضع ونكران الذات والإخلاص مطالب شرعية بلا ريب، لكنها بعيدة جداً عن موضوع كيف يرى الناس الإمام وكيف يرون كلامه وأفعاله، وما هي منزلته من وجهة نظرهم. فالشيخ في نظر جمهور المسلمين قائد ورأس في الناس شاء الشيخ أم أبى، صغُر أم كبُر. وبالتالي فكلامه (بخيرٍ كان أم بشر) له وزن عندهم، يفوق وزن كلام كل أحد، حتى وزن كلام الإمام بالإمامة العظمى. لذلك يجب أن يتعامل الشيخ الإمام بحذر شديد مع الكلمة، لأنه يُفترض فيه أن يكون أعلم الناس بخطورة الكلمة وقوة تأثيرها حين تكون من "شيخ" يرتقي المنبر حتى لو كان من غير أهله، بل حتى لو كان جاهلاً، فنحن في عصر انتشرت فيه وسائل التسجيل والتصوير حتى وصلت إلى جيوب الأطفال، وكلنا يعلم أن المتربصين بأهل الخير كثير -لا كثرهم الله- وإمكانية النشر متاحة للجميع، وثمة برامج للسفه والمسخرة وقلة الأدب تصطاد كل شاردة وواردة من المنابر للتعليق عليها بسخرية، تتحول أحياناً إلى سخرية من الدين نفسه!.


وفي هذا السياق ينشر أحد السفهاء كلاماً لأحد المشايخ من مصر يقسم فيه بالله تعالى على إن والدته من شدة برها بزوجها كانت تتذوق بول والده لترى إن كان عنده ارتفاع في السكر(!) وقد يكون ما قاله حدث بالفعل، لكنه لا يصلح البتة لتحديث الناس به، فضلاً عن نشره!


أيها الإمام والخطيب.. تذكر دائماً أن أي قول أو فعل سلبي يصدر عنك، تذكر أنه لا يضر بك وحدك، ولا بمسجدك وحده، بل تصل "شظايا" ضرره الى عموم المشايخ والمساجد في بلدك وما يجاوره، بل في بلاد الدنيا! فالعالم صار قرية صغيرة كما يقال، فلا أقول لك اتقِ الله في نفسك، بل أقول غير مبالغ في قولي: اتق الله في نفسك وفي مسجدك وفي مساجد وأئمة مساجد العالم.


الشيخ عبدالحميد ساهين

اخر العناوين

⋇ سيجعل لهم الرحمن ودّاً
⋇ فاستجاب لهم...
⋇ حتى يتبين لكم الخيط الأبيض
⋇ فإني قريب
⋇ أجراس الخطر دقت !! فكم سيُدفن من شباب المسلمين ؟؟
⋇ آفة التملق السياسي المُدمّرة!
⋇ ظاهرة اتباع الجنائزللنساء
⋇ مرحباً بالعام الهجري الجديد 1445
⋇ بيان حَول واقِعَة حَرْق المُصْحَفِ الشّريف بمدينة ستوكهولم يوم عيد الأضحى الأربعاء 10 ذي الحجة لعام 1444 هجرية الموافق 28 يونيو 2023 م.
⋇ انقذوا الانسانية من الانسان
⋇ الأضحيةُ شعيرةٌ من شعائرِ الاسلامِ
⋇ مرض تجمد القلب
⋇ ابناء القلب الذرية الطيبة
⋇ تناحر الاخوة الاعداء والضحايا هم الابرياء
⋇ غريب القرآن في شعر العرب، الجزء التاسع والعشرون
⋇ عيد الفطر السعيد لعام 1444 هجرية
⋇ غريب القرآن في شعر العرب، الجزء السابع والعشرون
⋇ غريب القرآن في شعر العرب، الجزء الثامن والعشرون
⋇ غريب القرآن في شعر العرب، الجزء السادس والعشرون
⋇ طرُقُ إثباتِ خُروجِ شَهرِ رَمَضانَ
⋇ تحديد يوم العيد
⋇ غريب القرآن في شعر العرب، الجزء الخامس والعشرون
⋇ المكٌون والأكوان
⋇ المرأة القطرية في العيد
⋇ غريب القرآن في شعر العرب، الجزء الرابع والعشرون
⋇ غريب القرآن في شعر العرب ، الجزء الثالث والعشرون
⋇ من روائع القصص أبو بصير زعيم جند الخفاء
⋇ محطات رمضانية المحطة الثانية والعشرون
⋇ من روائع القصص الحب في بيت النبوة
⋇ غريب القرآن في شعر العرب ، الجزء الواحد والعشرون
⋇ محطات رمضانية المحطة الواحد والعشرون إعداد أيمن الشعبان
⋇ غريب القرآن في شعر العرب ، الجزء الثاني والعشرون
⋇ سورة النصر وفتح مكة 20 رمضان
⋇ غريب القرآن في شعر العرب ، الجزء العشرون
⋇ هَلْ نَحْنُ بِحَاجَة إِلى مَذْهَبٍ جَدِيد؟ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك
⋇ غريب القرآن في شعر العرب ، الجزء التاسع عشر
⋇ الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعودية ترد على الدعوة لإنشاء مذهب جديد
⋇ غريب القرآن في شعر العرب ، الجزء الثامن عشر
⋇ عَلِي بْنْ أَبِي طَالِبْ رَضِي اَللَّهْ عَنْهُ
⋇ درَّة المفاخر في العشر الأواخر
⋇ معركة بدر الكبرى 17 رمضان
⋇ غريب القرآن في شعر العرب ، الجزء السابع عشر
⋇ من أشد الظلم الافتراء على الله..
⋇ غريب القرآن في شعر العرب ، الجزء السادس عشر
⋇ المسجد الأقصى الحقيقة الغائبة
⋇ غريب القرآن في شعر العرب ، الجزء الخامس عشر
⋇ غريب القرآن في شعر العرب ، الجزء الرابع عشر
⋇ كيمياء رمضان
⋇ غريب القرآن في شعر العرب ، الجزء الثالث عشر
⋇ غريب القرآن في شعر العرب الجزء الثاني عشر
⋇ غريب القرآن في شعر العرب الجزء الحادي عشر
⋇ غريب القرآن في شعر العرب الجزء العاشر
⋇ غريب القرآن في شعر العرب الجزء التاسع
⋇ غريب القرآن في شعر العرب الجزء الثامن
⋇ غريب القرآن في شعر العرب الجزء السابع
⋇ غريب القرآن في شعر العرب الجزء الخامس
⋇ غريب القرآن في شعر العرب الجزء السادس
⋇ غريب القرآن في شعر العرب الجزء الرابع
⋇ غريب القرآن في شعر العرب الجزء الثالث
⋇ غريب القرآن في شعر العرب الجزء الثاني
⋇ غريب القرآن في شعر العرب الجزء الأول
⋇ غريب القرآن في شعر العرب
⋇ متى يجب الإمساك؟ وهل يجب قبل أذان الفجر؟
⋇ الوقت المُعتبر في الإمْساك (صلاة الفجر) في شهر رمضان
⋇ رَمَضَانُ شَهْرُ التَّوْبَةِ وَالْغُفْرَانِ
⋇ بيان حول ثبوت دخول هِلال شهر رمضان وخروجه لعام 1444 هجرية 2023 ميلادية
⋇ مسلم قضى نحبه موقوفا لدى الجهات الأمنية السويدية
⋇ اَلْيَوْمِ اَلْعَالَمِيِّ لِلْمَرْأَةِ
⋇ اليوم الرياضي واجب ديني ووطني وبيئي وصحي للقطريين
⋇ ملتقى بيت المقدس لائمة وواعظات أوروبا/ من 5 إلى 9 شباط/فرباير 2023
⋇ ملتقى بيت المقدس لأئمة وواعظات أوروبا في اسطنبول من 5 إلى 9 شباط/فبراير 2023
⋇ برقية مواساة وتضامن حول حادث المصاب الجلل بدولة تركيا وسوريا
⋇ تعزية وتضامن مع الشّعبين التركي والسّوري
⋇ حرق نسخ القرآن جريمة وقديمة
⋇ حرق وتدنيس القرآن الكريم
⋇ التطرف وجريمة الكراهية في المجتمع السويدي
⋇ رسالة مفتوحة إلى مُمَثلي السّلك الدّبلوماسي الإسلامي والعربي المعتمد لدى مملكة السويد
⋇ آفاق العمل المُؤسّسي / بناء عمَليات إدارية بناءَة
⋇ إشكالية فهم الآخر بين الغرب والإسلام
⋇ فوائد مواسم الطاعة
⋇ بيانٌ من المجلسِ السويديِّ للشؤونِ الدينيةِ حول أضحية عيد الأضحى
⋇ بِناء واعْمَار الأرْض بَيْن أيْدينا
⋇ صَون كرامة الإنسان وحقوقه
⋇ مائدة مُستديرة
⋇ الطفل ودين الفطرة
⋇ تلك الوصية النبوية الخطيرة!
⋇ جاذبية الرّوح لا تُشترى ، هي منحة الله لمن يستحقها!
⋇ حوار الأديان بين الواقع والأمل المنشود
⋇ مؤتمر الدوحة الرابع عشر لحوار الأديان
⋇ رسالة المُؤسّسات الدّينية في اﻟﻤُﺠﺘﻤﻊ السّويدي
⋇ المجلس السويدي للشؤون الدينية
⋇ توصيات المجلس السّويدي للشّؤون الدّينية
الجمعة 20 رجب 1439ه الموافق 6 ابريل/ نيسان 2018