حوار الأديان بين الواقع والأمل المنشود
المقدمة
بناء على المشاركة في مؤتمر الدّوحة الرابع عشر لحوار الأديان تحث عنوان: الأديان وخطاب الكراهية بين الممارسة والنصوص، والمُزمع عَقده بحول الله وقوته في الفترة 24 ـــ 25 مايو 2022 ملادية بدولة قطر، ارتأينا أن نشارك في هذا المُؤتمر
بموضوع حوار الأديان بين الواقع والأمل المنشود وهو موضوع بالغ التّوهج في الوقت الراهن
فاليوم نعيش في عصر تشابكت فيه المصالح وتعقدت فيه المشاكل والتّحدّيات في شتى المجالات. فأصبح الجميع يبحث ويُطالب بفتح قنوات الحوار المبني على قناعات أسس قانونية، وثقة متبادلة للتغلب على المُشكلات الواقعية في واقعنا الحالي.
ومن تمّ فالقيادات الدينية مُطالبة بأن تضطلع بمسؤولياتها في تلك التوعية بما نصت عليه رسالة الأنبياء والرّسل من محبة وتعاون ودعوة للسلام والتعايش الإنساني، من إسْعادالبشرية جمعاء. غير أن المُمتبع من واقع الحوارات الدينية بصورة واضحة، أن معظمها كان للأسف الشديد على خلاف المطلوب وما ينبغي أن يكون عليه مقومات الحوار الحضاري. وفي هذا الإطار تُطرح عدة أسئلة من بينها :
· هل الحوار حل ؟
· ما هي الأطراف المُخوّلة لها بالحوار؟
· ما هي الآليات المطلوبة ليتسنى لكل طرف فهم سلوك الطرف الآخر؟
· هل حوار الأديان كما يراه الآخر يُؤدي إلى محو ذاتية الإنسان الذاتية أو تشجيع الإنسلاخ الديني ؟
حرص المجلس السّويدي للشؤون الدّينية منذ تأسيسه على أن يكون من أولوياته تجديد الخطاب الدّيني والتّسامح والتّعاون ومُواجهة خطابات الغُلو والتّطرف والكراهية بالعمل المُؤسسي المسؤول، بتشجيع ثقافة الحوار الدّيني وذلك بالقيام بدورات تربوية وتكوينية من أجل التّحصين من المُعْتقدات الدّينية الضّالة والغُلو ومن آفات المُخدرات وعواقبها وسط الشباب، انطلاقا من مرجعية قيّمنا الدّينية السّمحة، وذلك بتنسيق مع عدة مُؤسسات منها وكيل الدولة لشؤون التمييز Diskrimineringsombudsmannen (DO)، وكان آخرها دورة 23 مارس 2022. بالإضافة االتّعاون والتسيق مع مُؤسسات اسلامية وثقافية وغيرها في المُجتمع المدني بالإضافة إلى سلسلة من النّدوات والمُحاضرات لمُواجهةخطاب التّطرف والعنصرية والإسلاموفوبيا والعمل على غرس قيم الإعتدال والتسامح في ثقافة المجتمع المدني .
وفي السنوات الأخيرة عشنا ومازلنا نعيش مرارة خِطاب الكراهية مُنتشرا تحث عدة غطاءات كالنار في الهشيم، وتسللت لغة الإستبعاد والتّهميش إلى وسائط الإعلام وبعض الأحزاب والهيئات المُعادية، مما أدى إلى مجموعة من المُستويات المُعقدة من التّعصب بِما في ذلك تصاعد كراهية دينالإسلام، ومُعاداة السامية، مُدعّمة بطرق مُلتوية من عدة أحزاب يمينية وهيئات أعطت لنفسها حق الإساءة إلى الإسلام والمسلمين بصفة خاصة، باسم حرية التعبير... مما أدى إلى التطاول والإفراط للإساءة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم والى ثوابث دينيا ومُقدساته، وإلى مُؤسسات دينية ومساجد ومراكز إسلامية، عبر شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي، وبث الفتنة، وتوظيف الصحافة والفيسبوك والتويتر في التحشيد للُغة الكراهية والطائفية والتأزيم.
ومن بين الأسباب التي أدت لذلك الجهل بالآخر، وتفكك الروابط الإجتماعية والسياسية، والقومية المُتطرفة، والأحزاب اليمينية المتطرفة االتي شجعت من خلال خطابها الشعبوي على تصنيف ومُعاداة الآخر من الأقليات الدينية والعرقية، رغم التأكيد والتبيان والتوضيح على أن اﻟﻌُﻨﻒ واﻹرْﻫﺎب ليس نِتاجا للدّين، بل هو نتيجة لتراكمات وتَفْسيرات خاطئة لنُصوص الدّين وسيّاسات الجُوع والفقر والظلم والبطش وهضْم ومُصادرة الحقوق والتّهْميش ...
ومما يُؤسف له، يَتمُّ استخدام خطاب الكراهية؛ لتحقيق مكاسب سياسية في الحياة العامة بوساطة نشر خطاب مُعادٍ موجه ضد مُؤسسات دينية وعرقية وإلى المُهاجرين واللاجئين والنساء، كما عَمل على زرع بذور الخوف والكراهية وانعدام الثقة في نفوس أفرادها، مما أدى إلى أعمال عنف وتطرف وارتكاب جرائم كبرى.
ورغم تبني العديد من مقتضيات القوانين والمُعاهدات الدولية إلى ضرورة تجريم خطاب الكراهية والرسائل التحريضية بشكل يردع كل من يُحاول استثارت الفتن في صفوف التّجمعات الإنسانية، إلا أن تطبيقها هو ما يشكل عائقا نحو إلغاء الكراهية على أسس طائفية أو دينية أو عرقية… فجُل الحُكومات صادقت على هذه القوانين والمعاهدات، لكن عبر مواد ونصوص ملتوية أو غير مُتوازنة تتيح المجال لتأويلات مُتعددة. كما أن هناك محاولات وسكوت تحاول التغاضي عن مثل تلك التجاوزات لكونها مؤيدة ضمنيا لتلك التصرفات أو أنها لا تتوفر على نُصوص قضائية فاعلة تستعين بها في حل هذا النوع من الجرائم أو تشريعاتها قاصرة عن التنفيذ.
ومن هذا المنبر فإن المجلس السّويدي للشّؤون الدّينية يؤمن بأن خطاب الكراهية يتطلب استجابة وتنسيق وتعاون مستمر من القيادات الدينية والمُؤسسات الحكومية للعمل سويا من أجل ابراز ومُعالجة الدّوافع الرئيسة لخطاب الكراهية، الذي يتناقض في حقيقة الأمر مع قيم السلام والتسامح والتعايش والعيش المشترك، المُكرّسة في ميثاق الأمم المتحدة والعهدالدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
مسؤوليتنا في المجتمع السّويدي كُبرى في مواجهة التّحدياتبالوحدة والتّعاون والتّناصر، وبذل كل ما في وسعنا لإصْلاح حالنا، وتغيير أنفسنانحو الأحسن، من خِلال عمل مُؤسَّسي مُنظم وخُطة استراتيجية فاعلة وخِطاب مسؤول ووازن ذو مِصداقية .ومما جاء في توصيات ميثاق المجلس السّويديللشؤون الدينية المؤرخ بتاريخ 16 سمتمبر/ أيلول 2017 ميلادية، ندعوا إلى :
· الإسهام فيبناء أرضية و بيئة على أساس مبدأ التعايش وقبول التعدد والإختلاف، بما يسمحبالإندماج والمُواطنةالفاعلة، وتوطيد الأمن والنّمو والإستقرار.
· تعزيز الحواربين الشّرائع والثقافات، واحترام التّنوع، والقضاء على التمييز على أساس الدّين أوالمُعتقد، مع التشديد على أهمية دور المُؤسسات الثقافية والتفاهم المتبادل وحقوقالإنسان.
· بناء شركاتمع وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة من أجل التصدي لمقالات وكتابات الذي يقوم عليهخطاب الكراهية وتعزيز قيم التسامح وعدم التمييز والتعددية وحرية الرأي والتعبير.
· اﻧﺨﺮاطنا ﻓﻲاﻟﺸﺄن اﻟﺴّﻴﺎﺳﻲ اﻟﻌﺎم ﻣﻦ ﻣُﻨﻄﻠﻖ اﻟﻤُﻮاﻃﻨﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ، وأن نُشارك في المجال السياسي ﺑﺪءاﻣﻦ اﻹدﻻء ﺑﺎﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻓﻲ الإﻧﺘﺨﺎﺑﺎت إﻟﻰ اﻟﺘّﻌﺎﻃﻲ ﻣﻊ البلديات والأقسام الحكوميّة واﻟﺴّﻴﺎﺳﻴّﺔ، ﻣِﻤّﺎ ﻳُﺸﺠﻊ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ، اﻧﻔﺘﺎح ﻫﺬه اﻟﻬﻴﺌﺎت ﻋﻠﻰ الجميع مع احترام التعدُّديّةالثقافية.
· المُواطن المُسلمعُنصر إيجابي في المُجتمع السّويدي، يدعو إلى مكارم الأخلاق، ويتعاون مع الجميع فيحدود البرّ والتّقوى، ويحمل لِواء الإصلاح والمُشاركة الفِعليّة في كلّ مجالاتالحياة بدون فساد ولا ضَرر ولا إضْرار بالإنسان والحيوان والبيئة.
· حقّ الحُريّةحقّ الإختلاف في الرأي، وحقّ التّعبير عنه أفرادا أو جماعات سواء كان رأياًسياسيّاً أو مذهبيّا أو دينيّاً وحقُّ النّقد والمُعارضة، بدون إلحاق ضرر خاصٍّ أوعامٍّ، أو اعتداء على المُقدّسات أو الثوابت القيّمة والخلقية والدّينية، أو تبديعلمعيِّن من أفراد أو جماعات، فهو من اختصاص مُؤسسات قضائية وهيئات عِلمية مُعْتمدة.
· أن يحظىالمُواطن المُسلم والمُسلمة بالحماية اللاّزمة من التّمييز، في العمل والسّكنوالصّحة والتّعليم.