صَون كرامة الإنسان وحقوقه
المقدمة
خلافة الإنسان على سطع هذا الكوكب الأزق يُحدد دوره و يتحدد من خلالها مسؤولياته، والتّكليف يدل على أن كل فرد مسؤول عما يقوم به، ومن ثمَّ فإن عليه القيام بحق هذا الإسْتخلاف المنوط به. فالإستخلاف أمانة يجب أداؤها ويجب إدارة هذه الأمانة بما يحقق المقاصد الشرعية الخمس وهي: المحافظة على الدين، وعلى النفس، والنسل، والعقل، والمال.
من أجل أن تتحقّق التّنمية الإنسانية المُستدامة على الأرض، لا بدّ لنا من أن نركّز على القضيّة الأساسيّة، وهي صَون كرامة الإنسان وحُقوقه، بغض النظر عن شخصه أو معتقداته، باعتبارها محورا رئيسيا في جميع الدّيانات السّماوية. وكما جاء في سورة الإسراء الآية 70 (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىٓ ءَادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلْنَٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍۢ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا). وذلك من خلال تكريس قيم العدالة والمساواة والديمقراطية. فوجود الإنسان على كوكب الأرض يستمد قوته وعظمته من حقيقة واحدة هي: أن الكرامة أساس الإنسانية.
وللأسف الشّديد، فالفجْوة تظل قائمة ما بين النُّصوص النظرية والمواثيق الأممية وبين الواقع المُعاش من جهة أخرى، مما أدى أن مفهوم الكرامة يكشف عن الأزمة الأنتروبولوجيّة في المُجتماعات الإنسانية. الكرامة خاصّيّة بشريّة جوهريّة لا تُمحى ولا تُضاهى، هي حقّ أساسي وأساس كلّ الحقوق الأخرى. فكرامة الإنسان الذي يعيش في الغرب تتجلى في ظلّ رعاية تامّة وحماية كاملة من مُؤسّسات الدّولة، وتحت ظلّ دستور سيّد وقانون عادل، يجعله يُشارك في صناعة حياته، وصون حقوقه والدفاع عن مُستقبله ومستقبل الأجيال القادمة.