بيان حول ثبوت دخول هِلال شهر رمضان وخروجه لعام 1444 هجرية 2023 ميلادية
المقدمة
مما يُثير الأسى والحزن في نفس المُسلم أنه في كل عام عند دخول شهر رمضان أو حلول عيد الفطر يبرز تفرق المسلمين وتشتتهم عن بداية صومهم ثم عند فطرهم حتى في المدينة الواحدة. والصوم عبادة، ومَوسِم للمُراجعة والتّجدّد واستعادة الفاعلية، واسترجاع التوازن الذي يكاد نفتقده في غمرة الحياة بدوافعها ونوازعها.
يثبت دخول شهر رمضان بأحد أمرين اثنين :
الأمر الأول: رؤية الهلال كما قال تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )، وكما في الصحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (صُومُوا لِرُؤيَتِه ِوأفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) . وهذا بالإجماع.
الأمر الثاني: إن لم يروا الهلال أكملوا شهر شعبان ثلاثين يوماً كما في البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً ) . وهذا باتفاق المذاهب الأربعة.
فالعباداتُ توقيفية مدارُها على الأمرِ والنهي، وقد أمرَ الشارعَ بالصوم لرؤيةِ الهلال، والفطرِ لرؤيته، ونَهَى عن الصوم والإِفطار بدونِ رؤيةِ الهلال، وإكمال ثلاثين، تيسيرًا على العبادِ، وإبعادًا لهم عن الشُّكوكِ والأوهامِ عَلَّقَ الحكمةَ على شيءٍ محسوس ليس فيه مجالٌ للاختلاف.
علمُ الحساب كان موجودًا من قديم، ولم يعوِّلْ عليه الشارعُ؛ لأنه عُرضةٌ للخطأ والاختلاف؛ فأهلُ الحسابِ لا يتفقون أبدًا. ولا مانعَ من استعمال الآلاتِ التي تُساعد على الرؤيةِ، كالمراصد والمناظر المُكبرة إذا تيسَّرَ ذلك بدون تكلُّفٍ، ولسنا مُلْزَمين بإيجادها واستعمالِها، لكن لو وُجدت فلا مانعَ من الإستعانةِ بها.
حُكمُ الإعتمادِ على الأقمارِ الصِّناعيَّة في رؤيَةِ الهِلالِ
لا يجيز العمل بالرؤية الفلكية، وهذا قولُ ابنِ عثيمين رحمه الله، وذلك لأنَّ الأقمارَ الصناعيَّةَ تكون مرتفعةً عن الأرضِ التي هي محَلُّ تَرائي الهِلالِ. وفى الإعتماد على الحساب الفلكى إهدار للعِلَّة الشرعية، وإسقاط لحجية الرؤية الشرعية والحجية القضائية لحكم المحاكم الشرعية، وإعتبار لما ألغاه الشرع وهو الحساب الفلكى، وشذوذ عن إتفاق من يعتد به من أهل العلم وفقهاء المذاهب الذين حُكى عنهم الإجماع على عدم جواز العمل به ". ويترتب عليه عند مُعارضته مع الرؤية الشرعية :
1 ـ إعدام صوم أول رمضان إذا كانت المُخالفة بدايته .
2 ـ إعدام فطر يوم العيد إذا كانت المٌخالفة فى نهايته .
وبالتالى، إنتهاك حرمة النص القرآنى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )، وحرمة نص السنة الشريفة :
(صُومُوا لِرُؤيَتِه ِوأفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) وإنتهاك حرمة الصوم بمنع الناس من صيام أول رمضان، وإنتهاك حرمة العيد بمنعهم من إفطار يومه، مما يُؤدى إلى تعطيل أحكام الله، وإثارة القلاقل والإضطراب والفتن، وزيادة الفرقة والإنقسام بين المسلمين.
ومُناسبة حلول شهر رمضان الكريم، يتشرف المجلس السّويدي للشؤون الدّينية، أن يُهنئ المسلمين بمملكة السويد، والأمة الإسلامية جمعاء، بقرب حُلول هذا الشهر الكريم، ونسأل الله العلي القدير، أن يُعيننا على صيامه وقيامه، وأن يتقبل منا الأعمال الصالحة وأن يجمع شمْلنا ويُوحد كلمتنا ويصلح ذات بيننا وأن ينصر دينه ويُعلي كلمته، إنه سبحانه سميع قريب مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين .
المجلس السّويدي للشؤون الدّيني