غريب القرآن في شعر العرب الجزء الخامس
المقدمة
" يصدفون "
سأل نافع بن الأزرق عبد الله بن عباس عن معنى قول الله عز وجل في القرآن الكريم : " ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ "
وإذا كانت العرب تعرف ذلك ؟
فأجابه ابن عباس قائلاً : يعرضون عن الحق، نزلت في قريش، وهي في شعر العرب أما سمعت أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو يقول:
عجبت لحلم الله عنا وقدا بدا ... له صدفنا عن كل حق مترّك
ومن تفسيرها المعاصر: صدف عنه أي مال وأعرض عنه إعراضاً شديداً ، والصدف في اللغة يفيد الصلابة والغطاء فصدف الجبل ناحيته وجانبه ، وصدف المحار غطاؤها الصلب ، ومن هنا يتبين دقة دلالة اللفظ في القرآن الكريم وأبعاده.
قال تعالى : ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ﴾ [الأنعام: 46]
بين سبحانه وتعالى حال المشركين في تعنتهم وإعراضهم عن تدبر آيات الله البينات بصلابة الجبل ، فهم يصدفون عنها ويعرضون إعراضاً شديداً ، وفيها لفتة بليغة في أن إعراضهم قاسياً بقسوة الجبل وبعدهم عن الحق كبعد الجبل وارتفاعه وصلابته التي غطت عقولهم كما يغطي الصدف المحار .
الدكتورة ميادة عكاوي