غريب القرآن في شعر العرب الجزء الحادي عشر
المقدمة
" ضنكا "
سأل نافع بن الأزرق عبد الله بن عباس عن معنى قول الله عز وجل: " مَعِيشَةً ضَنْكاً " وإذا كانت العرب تعرف ذلك ؟ فأجابه ابن عباس قائلاً : الضنك: الضيق الشديد من كل وجه. أما سمعت الشاعر وهو يقول:
والخيل قد لحقت بها في مأزق ... ضنك نواحيه شديد المقدم
ومن تفسيرها في اللغة : الضنك أصله في اللغة الضيق والمرض ، ضنك يضنُك ضَنْكًا ، فهو ضَنيك ، ضنُك عيشُه: ضاق ، ضنُك فلانٌ: ضعف جسمُه أو عقلُه ، ضنُك المكانُ: ضاق بالمجتمعين.
قال تعالى : ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [ طه: 124] ، والمعنى أن الذي يعرض عن طاعة الله وهداه الذي أنزله في كتابه فإنه يحيا حياة لا سعادة فيها ولا طمأنينة ، فلا يقنع بما قسم الله ـ ولا يستسلم لقضاء الله وقدره ، ضائق صدره في ريب وشك وخوف دائم من النقصان، وإن اجتمعت له الرفاهية وعظيم النعم من السلم والمال والمسكن والولد ، بدليل بليغ انطوى عليه لفظ "ضنكاً " فهو مصدر يدخل فيه كل ضيق وعسرفهو عذاب في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة والعياذ بالله ، أما الدنيا فلا سعادة ولا طمأنينة ولا توكل، وأما في البرزخ فيضيق عليه قبره ، وأما في الآخرة فيحشرأعمى كما كان أعمى البصيرة في الدنيا ، فانطوت الآية على نذارة جلية للمعرضين وبشارة خفية للذاكرين .
الدكتورة ميادة عكاوي