غريب القرآن في شعر العرب الجزء الثاني عشر
المقدمة
" كالمهل "
سأل نافع بن الأزرق عبد الله بن عباس عن معنى قول الله عز وجل في القرآن الكريم : " يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ " وإذا كانت العرب تعرف ذلك ؟ فأجابه ابن عباس قائلاً : كدردي الزيت ومواد العرق من خوف يوم القيامة . وهي في شعر العرب ، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
تبارى بنا العيس السموم كأنّها ... تبطّنت الأقراب من عرق مهلا .
وتفسيرها في اللغة : المهل له أصلان في اللغة يَدُلُّ أَحَدَهُمَا عَلَى تُؤَدَةٍ، وَالْآخَرُ جِنْسٌ مِنَ الذَّائِبَاتِ ، فيأتي بمعنى المعدن المُذاب ، و عكر الزيت المغليّ .
قال تعالى : ﴿ يَوۡمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلۡمُهۡلِ ﴾ [المعارج:8] مشهد مهيب لأهوال يوم القيامة لا تقوم لهوله السماوات والأرضين مع صلابتها وغلظها ، فكيف بالإنسان ، فيكون في هذا تهويل وعظة للناس ليرجعوا عما هم فيه ويقبلوا على عبادة الله ، وفي لفظ "المهل" دلالة علمية دقيقة مستنبطة من معناه اللغوي وهو المعدن المذاب والتؤدة يرجحه علماء الفلك والطبيعة بأن السماء فيها أجرام سماوية مؤلفة من معادن منصهرة إلى الدرجة الغازية وهي بعد درجة الانصهار والسيولة بمراحل ، فتبرد على مهل وهذه من علامات يوم القيامة ، فتكون السماء كالمعادن المذابة العكرة الثقيلة التي تسير على مهل من ثقلها ، فانظر إلى دقة اللفظ القرآني وإعجازه.
الدكتورة ميادة عكاوي