غريب القرآن في شعر العرب ، الجزء السادس عشر
المقدمة
" صفوان "
سأل نافع بن الأزرق عبد الله بن عباس عن معنى قول الله عز وجل: " كَمَثَلِ صَفْوانٍ " وإذا كانت العرب تعرف ذلك ؟ فأجابه ابن عباس قائلاً : الصّفوان: الحجر الأملس، وهذا مثل ضربه الله للذي ينفق ماله في غير حق الله. وهي في شعر العرب ، أما سمعت أوس بن حجر التميمي وهو يقول:
على ظهر صفوان كأنّ متونه ... غللن بدهن يزلق المتنزّلا
وتفسيره في اللغة : صفوان [مفرد] : صفة مشبهة تدل على الثبوت من صفا ، ويأتي بمعنى رائق، نقي، صاف ، ويقال يوم صفوان ، ويأتي بمعنى صخر أملس لا يستقر عليه شيء ، وله في اللغة أصل واحد يدل على خلوص من كل شوب،من ذلك الصفاء، وهو ضد الكدر.
قال تعالى : ﴿ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ صَفۡوَانٍ عَلَيۡهِ تُرَابٞ فَأَصَابَهُۥ وَابِلٞ فَتَرَكَهُۥ صَلۡدٗاۖ ﴾[البقرة:264] يرى المفسرون أن هذا المثل للمتصدق رياءً ومعناه : لا تبطلوا صدقاتكم بالمن وإلا فيكون مثلكم كمثل الحجر الأملس الذي عليه تراب كان يرجى أن يكون منبتاً للزرع فنزل المطر فأزال التراب فبطل إنتاجه، فالمن والأذى يبطلان الصدقات ويزيلان أثرها النافع ، كما يزيل المطر التراب الذي يؤمل منه الإِنبات من فوق الحجر الأملس ، وأشير إلى لفتة بليغة في دلالة اللفظ "صفوان" فأصله اللغوي من الصفاء والخلو من الشوائب والكدر وهو المقصود ليؤكد أن الصدقات المقبولة الصافية النقية الخالصة لوجه الله تعالى، كصفاء الحجر الأملس الذي أزال عنه المطر كل التراب والشوائب التي هي المن والأذى فتركه صلداً نقياً أملساً كما يزيل الرياء الثواب ، والله أعلم .
الدكتورة ميادة عكاوي