غريب القرآن في شعر العرب ، الجزء السابع عشر
المقدمة
" غاسق"
سأل نافع بن الأزرق عبد الله بن عباس عن معنى قول الله عز وجل في القرآن الكريم:" وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ " وإذا كانت العرب تعرف ذلك ؟ فأجابه ابن عباس قائلاً : الغاسق: الظلمة، والوقب: شد سواده إذا دخل في كل شيء. وهي في شعر العرب ، أما سمعت زهيراً وهو يقول: ظلّت تجوب يداها وهي لاهية ... حتّى إذا أصبح الإظلام والغسق وقال في الوقب: وقب العذاب عليهم فكأنّما ... لحقتهم نار السماء فأخمدوا .
ومن تفسيرها في اللغة : الغسق: أصله في اللغة الظلمة، والغاسق: الليل ، غسق الليل: أظلم، اشتدت ظلمته ، ويقال: غسقت عينه: أظلمت ، غسق القمر: أظلم بالخسوف ، غسقت السماء: أظلمت وأمطرت. قال تعالى : ﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾ [الفلق: 3] سورة الفلق إحدى المعوذتين التي تتجلى فيها دلالة عجيبة لمعنى الغاسق ، وردت فيها عدة أقوال للمفسرين ، قول الماوردي :" أصل الغسق الجريان بالضرر "، ومنها أن الغاسق الليل إذا دخلت ظلمته فتنتشر الهوام وأهل الفساد ، ومنها القمر إذا خسف فهو آية تذكر بالقيامة ، ومنها الثريا إذا سقطت تهيج الأسقام عندها ، يجمعها دلالة الفلق بأول السورة فالتعوذ برب الفلق يؤكد أن المقصود بالغاسق هو الظلمة التي تقابل الفلق "الصبح" وهو النور ، وانظر إلى بلاغة القرآن في تنكير "غاسق" ليفيد العموم ويشمل كل شر يسببه الظلام.
الدكتورة ميادة عكاوي