غريب القرآن في شعر العرب ، الجزء الثاني والعشرون
المقدمة
" مُكاء "
سأل نافع بن الأزرق عبد الله بن عباس عن معنى قول الله عز وجل: " إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً " وإذا كانت العرب تعرف ذلك ؟فأجابه ابن عباس قائلاً: المكاء: القنبرة، والتصدية: صوت العصافير وهو التصفيق، وذلك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا قام إلى الصلاة وهو بمكة كان يصلي قائما بين الحجر وبين الركن اليماني ، فيجيء رجلان من بني سهم يقوم أحدهما عن يمينه، والآخر عن يساره، فيصيح أحدهما كما تصيح المكاء، والآخر يصفق بيديه كتصدية العصافير ليفسد عليه صلاته. وهي في شعر العرب ، أما سمعت حسّان بن ثابت وهو يقول:
نقوم إلى الصّلاة إذا دعينا ... وهمّكم التّصدّي والمكاء
ومن تفسيرها في اللغة : مُكاء [مفرد]مصدر مَكا وهو الصفير وهو اسم طائر في الحجاز له صفير، مكا المشجع: صفر بفمه.
قال تعالى : ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ﴾ [الأنفال: 35] هذه الآية تبين سبب استحقاق ولاية البيت الحرام ، فأهل التقوى هم الذين استحقوا عمارة البيت لاتصافهم بالخشوع والوقار والتأدب في عبادة الله وتعظيم بيته، أما هؤلاء المشركون ما كانت صلاتهم التي هي أحق العبادات إلا صفيراً وتصدية، فقد ذكر المفسرون أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة يصفرون ويصفقون وأنهم يفعلون ذلك إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ليصدوه عن عبادته، وأرى فيها إشارة عامة للقبول والاعتبار في الدنيا والأخرة ، فالخشوع أصل لقبول العبادات والوقار أصل للمقامات.
الدكتورة ميادة عكاوي