غريب القرآن في شعر العرب، الجزء الرابع والعشرون
المقدمة
" مهطعين "
سأل نافع بن الأزرق عبد الله بن عباس عن معنى قول الله عز وجل: " مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ " وإذا كانت العرب تعرف ذلك ؟ فأجابه ابن عباس قائلاً: مذعنين خاضعين، وهي في شعر العرب أما سمعت تُبّعا وهو يقول:
تعبّدني نمر بن سعد وقد درى ... ونمر بن سعد لي مدين ومهطع
وتفسيرها في اللغة : المُهْطِعُ: المُقْبِلُ ببصره على الشَّيء لا يرفَعُهُ عنه قال اللهُ- عَزَّ وجَلَّ-: مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ، وأصله في اللغة يدل على إقبال على الشيء وانقياد، وأهطع: أسرع، يقال: هطع الرجل مشى مسرعاً وهو خائف، وأهطع البعير: صوب عنقه منقاداً.
قال تعالى: ﴿مُّهۡطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِۖ يَقُولُ ٱلۡكَٰفِرُونَ هَٰذَا يَوۡمٌ عَسِرٞ﴾[القمر:8] ذكر المفسرون أن الناس يخرجون من القبور مسرعين إلى الداع -وهو صوت إسرافيل- في ذل وخضوع خائفين لا يتحول بصرهم عن المقصد، يقول الكافرون هذا يوم صعب شديد؛ وأشير إلى دلالة اللفظ "مهطعين" الذي وصف حال الناس يوم البعث بدقة عجيبة، تجمعهم السرعة مع الخوف، والنظر إلى المقصد وأصله في اللغة الإقبال والانقياد، يناسب حالهم في الدنيا فمن أسرع بالانقياد والطاعة لله سيسرع منقاداً للداع يوم القيامة، ومن أسرع في اتباع الهوى والضلال والكفرفي الدنيا سيسرع منقاداً للداع خائفاً يوم القيامة، ولكن الكافر هو وحده الذي يقول "هذا يوم عسر"؛ ليخرج من ذلك المؤمن جزاءً بجنس العمل بدلالة الآية .
الدكتورة ميادة عكاوي