غريب القرآن في شعر العرب، الجزء التاسع والعشرون
المقدمة
" الحُبُك "
سأل نافع بن الأزرق عبد الله بن عباس عن معنى قول الله عز وجل:" والسماء ذات الحبك " وإذا كانت العرب تعرف ذلك ؟فأجابه ابن عباس قائلاً ذات الطرائق والخلق الحسن. وهي في شعر العرب، أما سمعت زهير بن أبي سلمى وهو يقول:
هم يضربون حبيك البيض إذ لحقوا ... لا ينكصون إذا ما استلحموا وحموا
ومن تفسيرها في اللغة: حُبك جمع حبيكة أصله في اللغة إحكام الشيء في امتداد واطراد، واحتبكت إزاري: شددته، والحبيكة: كل طريقة في الشعر وكل طريقة في الرمل تحبكه الرياح إذا جرت عليه، ويقال كساء محبك، أي مخطط، وحُبك السماء: الخلق الحسن المحكم والطرائق، ويراد بالطرائق طرائق النجوم .
قال تعالى: ﴿ والسمآء ذَاتِ الحبك إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ﴾[الذاريات:7-8] أقسم الله سبحانه وتعالى بالسماء "ذات الحُبك"؛ يا له من قسم مهيب عظيم بليغ انطوى على قيمة الإتقان والإحكام وفيه دعوة خفية لإحكام عقولنا في حقيقة الدين وإتقان أعمالنا وأقوالنا، ناسب المقسم عليه، فهذه السماء الجميلة المزينة بالنجوم والكواكب المحكمة المتقنة الشديدة ذات الطرائق المستوية المحسوسة كأفلاك النجوم اللامعة، والمعقولة التي تدرك بالبصيرة وتُشرق بتوحيد الخالق المبدع وتصديق النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، تؤكد المقسم عليه أن طرائقهم وأقوالهم المختلفة في الطعن في الدين مضطربة مظلمة لا استواء فيها، فجمع هذا اللفظ "حُبك" الحسنيين حُسن الخلق ونور القلب؛ فالسماء زينة للناظرين، وهدى للسالكين، ورزق للسائلين، وعلم للموقنين، وبشارة للمهتدين .
الدكتورة ميادة عكاوي