رسالة إلى المُؤسسات الدّينية بمَملكة السّويد

المقدمة
اليوم الهوية الإسلامية للمُسلمين في مملكة السويد، تُواجه تحَدّيات كيانية، وتهديدات وُجودية تفرض أدواراً طلائعية ومسْؤولة من المُؤسسات الدّينية المُتعددة والجَمعيات والمُنتديات والهيئات، التي انتدبت نفسها لتحقيق مقصد حفظ الدين، وذلك بالتكامل والتّعاضد، لأداء هذه الرّسالة العُظمى في حفظ الهوية الإسلامية وتجْديد للنّموذج المعرفي لرسالة الأنبياء.إن بناء الإنسان وتكوينه وإعداده، مسئولية تضامنية وتكاملية، تحتاج إلى تضافر جهود المُؤسسات الدّينية، ومن قبل كل ذلك الأسرة لنبني معاً إنساناً قوياً واعياً رشيداً، ليكون قُدوة ونمُوذجاً حسناً صاحب شخصية قوية سوية؛ قادرة على تخطي الصّعاب ومُواجهة التّحديات في المُجتمع المدني السّويدي.
فالمُؤسسات الدّينية بمملكة السويد مُطالبة اليوم كذلك إعادة ضبط البوصلة والقبلة نحو مقاصد الدّين، ولا يتحقق هذا الضّبط إلا بتحديد الأنظار، ومُراجعة الخُطط، وتجديد المناهج، ونحوها. وهو تجديد مهام ووظائف المُؤسسات الدّينية في السّويد من خلال فقه إستراتيجي يعي هذه التّحديات في سياقاتها الكلية بفقه الأولويات في تعريف أصُول الدّين وتعريف المَعروف والمُنكر محل الأمر والنّهي، وتجديد الخِطاب الدّيني، ويُوجه الأجيال المُتعاقبة في هذا البلد، نحو الإصطباغ بقضاياها الأساسية وتعزيز مناعتها الحضارية. فالمُؤسسات الدّينية، مُطالبة بتجديد التّدين العميق في ضمائر الأبناء والأسر المُسلمة كي تُجدد ذاتها وتحقق غايتها وبناء جسر قوي مع المُؤسسات الفاعلة.
ومن هذا المنبر، ندعو ونسعى مع باقي المُؤسّسات الدّينية الفاعلة في المُجتمع السّويدي أن تبقى هذه المُؤسسات صَدقة جارية ودرجات عالية واستدامة بارزة في مَسارها ورسالتها النبيلة والإنسانية. كما تكون لها آثاراً إيجابية على جوانب اجْتماعِية واقتصادية للمسلمين في هذا البلد. وحريٌّ بنا أن نُشجع ونُشارك هذه المُؤسّسات الدّينية في رسالتها وتقويتها ليستمر دورها الفاعل، وتستعيد دورها الرّائد في نهضة أبناءنا وأعضائها المُخلصين وأداء مسؤولياتهم. فالمُؤسّسات الدّينية في هذا البلد هي الحارس الدّيني لأسرنا وأبنائنا، في معالجة وصيانة الثوابت الدّينية الأصيلة والتّقيد بالأنظمة والقوانين.
إن تشجيع واحترام المُؤسسات الدّينية الفاعلة والمسؤولة هو أصل من أصول بناء الفرد والعضو السّوي والمسؤول، وان لم نلتزم بهذا النّهج ونتوقف عند ضوابط وآداب الحوار كان الخُسران الفادح وأكبر ما سَنخسره القيمة الكبري ــ المؤسسة الدينية بذاتها ــ وهَوانُها علي الجميع، وما المُؤسّسات الدّينية الفاعِلة، إلا الدّين ومقامهُ في النفوس وقدره في القلوب.
إن أزمات المُؤسسات الدّينية في السّويد هي جزء من إخفاق يعيشه جميع الأفراد، أئمة ودعاة وجمعيات وعوائل وغيرهم. لذا
فالأزمات والتّحديات تفرض علينا، أن نجعل للمُؤسسات الدّينية الفاعِلة مرجعا في حياتنا اليومية والنُحافظ عليها من التّصدّع والتشتّت والخُدلان، فهذه المُؤسسات الدّينية قوية باعضاءها وبمبادئها، وإن لم نشجعها أو نُساندها ظللنا البوصلة، وضاع شبابنا وهويتنا وثوابت ديننا، وحينئذ لا ينفع النّدمــ
اليوم نعيش أزمة جيل، وليست أزمة مصير... سترحل الأجيال بما فيها من أساتذة وائمة ودعاة وأخيار، وستظل المُؤسّسات الدّينية الأصيلة منارات وضّاءة بما تحمله من مبادئ وقيم باقية شامخة بإذن الله. إن القائمين على المُؤسّسات الدّينية في مملكة السويد يحتاجون إلى وقفات وانصات، والتعّرف على المَشاكل والمُعوقات والتّنبوء بالإحتمالات والتّسائلات والظروف والأحداث المُتوقعة واكتشاف الأساليب المُناسبة لحل تلك المعوقات ومن بينها :
• هل يُدرك القائمون على العمل الدّيني حجم التّحدي الإداري من الناحية الإستراتيجية؟،
• وهل هم قادرون على بناء استراتيجيات ادارية لمقابلة التّحدي؟،
• هل يتمتع القائمون على المُؤسسات الدّينية بفكر اداري علمي؟،
• وهل توجد برامج تدريبية لتطوير الخبرات الإدارية؟،
• هل هم على استعداد لتطوير المُؤسسة الدّينية ؟.
نسأل الله سُبحانه وتعالى أنْ يُسدّد خُطانا على الحقّ المُبين، ويأخذ بايدينا الى طريق الرّشاد.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
استوكهولم في 22 جمادى الأولى 1446 هجرية/ 24 تشرين الثاني/ نوفمبر2024م
المَجلس السّويدي للشّؤون الدّينية
