قضية الخطاب الديني
قضية الخطاب الديني
تحتلقضية الخطاب الديني أهمية كُبرى في المجتمع السويدي اليوم نظراً لما يَرتبطبالخطاب الديني من التباس ، وبما اكتنفه مِن غموض أخرجه أحياناً عن جادة الصواب منقبل كثير من الدعاة والأئمة ممن استغلقضية التجديد كوسيلة للعبث بأصول الإسلام وتغيير ثوابته ، وممن جَعلوا من أصول الإسلام مجالاً لتجربة المناهج الحديثةالغربية ، بزعم تقديم تفسير عَصري أو تأويل حديث أو قِراءة عَصرية .
إنفقه التعامل مع الواقع وحُسن إدارة الأزمات جزء من حلها، وعامل رئيس في تخفيفحدّتها، والحدّ من أثرها، وبالمقابل، فالجهل والتهور، الناتج عن قلة العلموالتجربة، يزيد من تأزم الأزمة، ويضاعف أثرها.
إننانعيش في فترة كثرت فيها التحديات ، وتعددت ألوانها، ونعيش زمنًا عصيبًا، نحتاج معهإلى فقه ودراية، وسعة نظر وإدراك، حتى يُمكننا أن نحدد الجرح، ونضع الدواء المناسبعليه. وإن الناظر إلى واقعنا في المجتمع السويدي اليوم يجد أننا نعيش في حالةانتكاسة على صعيد الإرتقاء بالمؤسسات الإسلامية ، هذه الأزمة أو الإنتكاسةأفقدتها الكثير من منهجيتها وصوابها ، حيث عجزت عن التقويم والمراجعة ومعرفة أسبابالقصور، وتوقفت عن أداء رسالتها في الشهادة على الناس والقيادة لهم ، وأصبحتمواقفنا فريسة لما يُعرف بالغزو الفكري والثقافي.
إنعدم فقه الأولويات أدى إلى الإغراق في الجزئيات على حساب المحافظة على الكليات ، فعند النظرفي المؤسساتالإسلاميةنجد أن الأماني واسعة في حين أن الأهداف غامضة، ونجد أن المبادئ بارزة في حين أنالبرامج غائبة، والسبب هو عدم وجود دراسات جادة تتولى معالجة مثل هذه القضاياالكلية، وإذا وُجدت فهي دراسات محدودة ومتدنية في مستواها، بينما تقاس اهتماماتنااليوم في المجتمع السويدي بقضيةٍ آنية، ما هو إنتاجنا الثقافي ونضجنا الفكري، وإلىأين تسخر طاقاتنا وطاقة شبابنا من أجل حماية صورة الإسلام من عمليات التشويهالمتعمد الذي يَقوم بِها الإعلام ، وذلك بأسلوب عصري بَعِيدٍ عن الإنفعالاتوالمشاجرات مع الآخر ، مع بيان ما للثقافة الإسلامية مِن فَضل على الثقافة الغربية.
وبسببالتغافل من قبل الدعاة والأئمة والتساهل في عدم توضيح الرؤية الصحيحة للإسلاموتوجيه رسائل الاستنكار للمؤسسات السويدية كما وقع أخيرا من مؤسسة سويدية ، أصبحنانشاهد حجم التزييف الإعلامي والتضليل والتضخيم من الأحداث الإرهابية الأخيرة ، فيحين يتم تجاهل الإرهاب الذي تمارسه قوى النظام العالمي على الشعوب الإسلامية في أراضيها . إن الإرهابلا دين له ولا ملة، ومن يحاول أن يربطه بالإسلام فهو يسعى في الأساس إلى الحرب علىالسلام من بوابة الحرب على الإرهاب.
هذهالتحديات تَحتاج منا أن نساهم بكل ما نستطيع لنعود إلى جادة العمل المؤسسي ضمنالإرتقاء للخطاب الديني ، الذي هو وعي برسالة الإسلام وفهمها من ينابيعها الصافيةبحيث تفهم فهماً سليماً خَالِصاً مِن الشوائب بعيداً عن تحريف الغالين وانتحالالمبطلين وتأويل الجاهلين ، فنحن في حاجة ماسة إلي رؤي العقلاءوالحكماء الذين يملكون العلم والخبرة والمؤهلات التي من خلالها نجتاز هذه المرحلةالفارقة، وإلى من يُحْسن عَرض رسالة الدين وتجديد مشروع يَجمع بين القديم النافع والجديد الصالح ، ويَدعو إلى الانفتاحوالإندماج في هذا المجتمع دون الذَّوبان فيه ، بميثاق ثابت علىالأهداف ، والمرونة في الوسائل ، والتجديد في فَهم الأصول ، والتيسير في الفروع.
وللتذكيرفإن الزي الأزهري له مكانة دينية مرموقة في نفوسنا وهو دلالة على شخص مُلتزمومتدين على جانب من العلوم الدينية الشريفة وله من الوقار والإحترام الدرجاتالعلا، فالمطلوب أن يصان من دنس المُظاهرات والابتعاد عن المواقف الغير المدروسةوالمُتسرعة إرضاءً للآخر. ولنحذر جميعا وساءل الإعلام التي تمارس نوعًا من التحويرللخطاب الإعلامي، والعبث في صياغة أخباره، جريًا على المصالح السياسية أوالإشهارية ! وإن علينا أن نقف من هذه القنوات موقف التمحيص والتدقيق.
ومنهذا المنطلق ندعو جميع القائمين على العمل الإسلامي بمملكة السويد الإهتمام بمايلي:
1. الخطاب الديني الأصيللرسالة الأنبياء هو الذي يهتم اليوم بصورة واقعية لهموم المسلمين المقيمين في هذاالبلد وانشغالاتهم، والخطاب الذي لا يلامس واقعهم الإجتماعي والسياسي والإقتصاديوالتربوي، يبقى خطابا مُحلقا في سماء غير سماء المُخاطبين ، ومن ثم تنتفي الإستجابةلمضمونه، بل حتى الإصغاء لمحتوياته، فالقرآن بلاغ الله أزلي، لم ينزله جملة واحدة،وإنما أنزله على مكث ليربطه بأحداث الناس وواقعهم.
2. تكثيف التعاون مع المؤسساتالسويدية في كل المجالات يبقى دائما محط اهتمام وتفكير والتزام وعنصرا أساسيا فيحياتنا اليومية من أجل الصالح العام فيمايضمن مستقبل أفضل بحكم المسؤولية المشتركة لبني البشر وذلك في الحفاظ على القيمالأخلاقية والعدالة الاجتماعية والسلام والحرية، والدفاع عن الحياة الأسرية والعملعلى رفع شأنها.
وحرصامن مؤسسة الإمام مالك للوسطية والتجديد في استوكهولم على تبصير المسؤولينوالفاعلين في الجمعيات والمؤسسات الإسلامية بخصوص واقعنا اليوم ، و حرصا منها فيالمساهمة على فتح فضاء للنقاش والإرتقاء بالمُمارسة الإدارية المؤسسية إلى مستوياتمميزة، فهي تدعو وتساهم في فتح جسور التواصل والتحاور المفتوح حول مايلي:
· إن إلصاق تهمة الإرهاببالإسلام اساءة تعرقل نتائج الجهود المبدولة اليوم من أجل التعاون مع مؤسساتالمجتمع المدني السويدي
· ابراز التعايش والتعاونعلى المبادئ الإنسانية الكونية مع الاختلاف العقدي الديني
· مقاصد الشريعةالإسلامية هي الأساس التي تقوم عليها الحياة ، فالتشكيك فيها ومحاولة تشويهمصادرها وأصولها ينعكس على الحياة الإسلامية سلبا وتؤثر بالتأكيد على وحدة الصف
· معالجة ضعف الوازعالديني واهتزاز الشعور بالإعتزاز بالإسلاموالإنتماء اليه لدى الشباب
· تشتيت جهود الدعاةوالفاعلين الإسلاميين وصرفهم عن الأوليات يُضعف العمل الإجتماعي الخيري
ويُزعزع الثقة بالمؤسسات الإسلامية
· القيام بدورات علىترسيخ مفاهيم الوسطية والسماحة، والتعايش السلمي والإعتدال، وقبول الآخر
والتعددية الدينية والثقافية.