من روائع القصص
المقدمة
أبو حفص عمر بن الخطاب العدويّ القرشيّ
أبو حفص عمر بن الخطاب العدويّ القرشيّ، ويُلقب بالفاروق، وهو الخليفة الراشد الثاني، ويعدّ واحدًا من كبار أصحاب الرسول -عليه الصلاة والسلام-، كما أنّه من أشهر القادة الذين مرّوا عبر التاريخ الإسلاميّ من حيث القوّة والنفوذ، ومن كبار العلماء الصحابة، وهو أحد المبشرين بالجنة.
نشأة عمر بن الخطاب
وُلد عمر بن الخطاب بعد عام الفيل بحوالي ثلاث عشرة سنة، وكان منزله واقعًا في جبل عاقر، الذي يعرف اليوم بجبل عمر، وقد نشأ في قريش، وقد تميّز عن غيره من الأقران بتعلمه للقراءة، وقد عمل راعيًا للإبل في صغره، ثمّ تعلم فيما بعد المصارعة، وركوب الخيل، وقول الشعر، وكان تاجرًا.
إسلام عمر بن الخطاب
كان عمر بن الخطاب قبل إسلامه معروفًا بشدته وقوته؛ حتّى إنّه همّ في يومٍ من الأيام فشرع سيفه يريد الذهاب لقتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكنّه أثناء سيره لاقى رجلًا من صحابة الرسول الكريم، فسأله عن وجهته فأخبره عمر بنيته، فما كان من ذلك الصحابي إلّا أن أخبره بأنّ أخته فاطمة وزوجها قد اتبعوا دين محمد -صلى الله عليه وسلم
وذهب عمر إلى أخته فسقطت منها صحيفةٌ من القرآن، فهمّ عمر بالتقاطها حتّى يقرأها، لكنّ فاطمة رفضت إعطاءه إياها قبل أن يتوضأ، فتوضأ عمر، وقرأ قوله تعالى: (طه، مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى، إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى، تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى، الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى)، فاهتز عمر لما سمعه وأسلم.
هجرة عمر إلى المدينة
في العام 622م أمرَ الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسلمين الذين اتبعوه بالهجرة إلى يثرب، بعد أن عاهده أهل يثرب على السلام والأمان، ودعوه للقدوم إلى مدينتهم والسكن فيها بعد إيمان أغلب سكانها وأبنائها بدعوة الرسول الأمين؛ فهاجر أغلب المسلمين إلى يثرب في السر؛ لتجنب اعتداء أهل قريش عليهم. وأما عمر بن الخطاب فلبس سيفه، ووضع قوسه على أكتافه، وحمل عصاه القوية ومجموعةً من السهام، وطاف حول الكعبة سبع مرّات، وصلّى في مقام النبي إبراهيم عليه السلام، ثمّ قال لمجموعة من المشركين: "شاهت الوجوه، لا يُرغم الله إلّا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، وييتم ولده، أو يُرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي".
مبايعة عمر للخلافة
تولّى الخلافة الإسلاميّة بعد موت أبي بكر الصديق في الثاني والعشرين من شهر جمادى الثانية للعام 13 للهجرة، وقد اشتهر بعدله، وإنصافه، وقضائه على المظالم، فكان قاضيًا خبيرًا يحكم بين جميع الناس المسلمين، وغير المسلمين، فأطلق عليه الناس اسم "الفاروق"؛ لأنّه فرّق بين الحقّ والباطل.
أبرز إنجازاته
تميزت خلافة عمر بن الخطاب بالعديد من الإنجازات، وسنذكر بعض هذه الإنجازات: أسس التقويم الهجريّ، وقد بلغ الإسلام في عصره ذروته. اتّسع نطاق الدولة الإسلاميّة لتشمل كافّة مناطق العراق، وليبيا، ومصر، وخراسان، وفارس، والشام، والمناطق الشرقية للأناضول، والجنوبيّة من أرمينيا، إضافةً لسجستان. أدخل القدس إلى الحكم الإسلاميّ لأول مرّة، لتصبح ثالث أقدس مدينةٍ إسلامية. فتح كامل الإمبراطوريات الإسلاميّة في مدّةٍ لا تتجاوز العامين. حافظ على قوّة وتماسك الدولة الإسلاميّة، وذلك على الرغم من زيادة عدد سكانها، وتنوع أعراقها.
وفاة عمر بن الخطاب
كان عددٌ كبيرٌ من الفرس الذين استمروا على مجوسيتهم وكفرهم يضمرون الكره والحقد للقائد عمر بن الخطاب، الذي دحر جيوشهم وقضى على إمبراطورياتهم، ووردت الكثير من الروايات التي ذكرت بأنّهم تبعوه عندما خرج لأداء مناسك الحج في العام 644م، حيث هتف البعض منهم بأنّ عمر لن يقف على هذا الجبل مرّةً أخرى. وقد طُعن عمر بخنجر أبي لؤلؤة الفارسيّ في العام 644م وهو يصلي الفجر بالناس، وكان ذلك في السادس والعشرين من ذي الحجة، فحاول المسلمون أن يقتلوا الفارسي لكنهم فشلوا، إلى أن ألقى عبد الرحمن بن عوف رداءه عليه فتعثر في مكانه وطعن نفسه منتحرًا، وقد دفن عمر رضي الله عنه بجانب الرسول صلى الله عليه وسلم.
.......................................................................
الدكتورة ميرفت إبراهيم
MervatQa@
mervat_ibrhaim